أرضية سلسلة الندوات:
الدبلوماسية الرقمية: منطلقات التغيير وتقييم الأثر.
شهد النظام الدولي دينامية من التحولات الجذرية لازمته منذ الأبجديات الأولى لتشكيل كيانات الدول،
حملت في تلابيبها جدليات التغيير في كل المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية والثقافية و
التكنولوجية، انعكست بشكل مباشر على سلوكات الوحدات الدولية عبر تصرفاتها المتبادلة مع نظيراتها،
وذلك في ظل ذوبان الحدود بينها و تقريب الأمم بعضها من بعض و تنامي الوسائط التكنولوجية . كلها
أشياء غيرت من ثورة طرق الاتصال التقليدية، وعبدت الطريق أمام الدول لخلق فضاءات جديدة وطرق
تدبير مغايرة بعد انتقالها لعصر التكنولوجيا والتحديث الذي بات الفاعل الموجه عبر الأجيال المتطورة له.
وإذا كانت الدبلوماسية في دورتها الحياتية دمغت بـــ"أزمة وجودية" “existential crisis” حسب طرح
مجموعة من الباحثين مثل Jan Melissen و Brian Hockingو Paul Sharpو Shaun
Riordan،عن مركز الأبحاث الهولندي Clingendael، باعتبار التعقيد الذي يغلف البيئة السياسة و
هياكلها، و التي ظلت لعهود خلت الطريقة الراسخة التي تحدد الدول من خلالها أهداف سياستها الخارجية
وتنسيق جهودها للتأثير على قرارات وسلوك الحكومات والشعوب الأجنبية من خلال الحوار
والمفاوضات وغيرها من الإجراءات المماثلة ، باستثناء الحرب والعنف. فإن العولمة بتجلياتها المتمثلة في
سرعة الاتصال و المعلومات عمقت من هذه الأزمة، حيث أصبح مصطلح الدبلوماسية الرقمية رقما
أساسيا في معادلة الدول لا يمكن غض الطرف عنه، هذا الأخير غير من منطلقات الديبلوماسية التقليدية
القائمة على منطق السيطرة و السرية مقابل حسن التقدير للعمليات الدبلوماسية بطرق مستحدثة. وما
المبادرات الرقمية التي تفصح عنها مؤسسات الدول إلا تعبيرا عن ثورة في الممارسة الدبلوماسية و قلب
للقواعد التقليدية التي كانت سائدة. لكن إذا كان اعتماد الدبلوماسية الرقمية ( استخدام وسائل التواصل
الاجتماعي للأغراض دبلوماسية) متورطًا في تغيير ممارسات الدول ذات الصلة بكيفية مشاركة
الدبلوماسيين في إدارة المعلومات أو الدبلوماسية العامة أو التخطيط الاستراتيجي أو المفاوضات الدولية أو
حتى إدارة الأزمات. فإن هذه الوعود التي تقدمها الدبلوماسية الرقمية وعلى قدر أهميتها، لم تعرف
اهتماما أكاديميا واسعا، في ظل غياب اطار مفاهيمي موثوق. وهو ما يبرز معه فائدة طرح موضوع
سلسلة الندوات:
الدبلوماسية الرقمية : منطلقات التغيير وتقييم الأثر.
تقع هذه السلسلة من الندوات ضمن اهتمامات المعهد الدولي للبحث العلمي المندرجة في نطاق مواصلة
اسهاماته في إثراء النقاشات العلمية و الأكاديمية المتخصصة الدولية منها و الاقليمية ذات الصلة
بموضوع السلسلة.
وتنطلق أرضية هذه السلسلة من سؤال محوري : كيف تؤثر الوسائط الرقمية على الوظائف الدبلوماسية
الأساسية للتمثيل والاتصال وإدارة العلاقات؟
وتتمحور أهداف هذه السلسلة حول ماهية الدبلوماسية الرقمية، كشكل من أشكال إدارة التغيير في النظام
الدولي، وتقييم علاقتها بالأشكال التقليدية للدبلوماسية، ودراسة ديناميات القوة الكامنة و المتأصلة فيها،
فضلا عن الاحاطة التي بموجبها تطبع الدبلوماسية الرقمية السياسة الخارجية للدول أو تنظمها أو تقيدها.
وذلك بالتركيز على ثلاثة مستويات مختلفة: مستوى المعلومات المقدمة للأفراد، ومستوى التأثير ،
ومستوى التفاعل.
القاسمي - صفاء السامياللجنة المنظمة: وليد الرايس - بشرى